U3F1ZWV6ZTI4MDc4MjUzNjU5NzYxX0ZyZWUxNzcxNDE5MDM1OTI4NQ==

الديمقراطية

 الديمقراطية

تعود كلمة الديمقراطية إلى اللغة اليونانية القديمة وتتكون من مقطعين؛ الأول demos  ويعني الشعب، والثاني kratos  ويعني الحكم. وبذلك تصبح كلمة “ديموكراتس” تعني حكم الشعب. وتعرف اصطلاحًا بانها حكم الشعب نفسه بنفسه ولنفسه، ويعرفها ابراهام ليكونن فيقول عنها “هي حكم الشعب بواسطة الشعب ولأجل الشعب" .وتعود نشأة الديمقراطية إلى الدولة اليونانية القديمة، عندما اقتصرت المشاركة السياسية على الذكور والاحرار فقط ولكن 

بمرور الزمن تغير معناها وأصبحت تعني كل المواطنين . كان قد بدأ الظهور الحقيقي لهذا المفهوم الحديث للديمقراطية  في القرن الثامن عشر على يد جون لوك بإنجلترا، وجون جاك روسو ومنتسكيو بفرنسا؛ بهدف محاربة الحكم الاستبدادي الذي كان سائدَا بأوروبا في ذلك الوقت، والذين نادوا بجعل سلطة البلاد العليا في يد الشعب.  وتعتبر الهند اليوم من أكبر الدول الديمقراطية في العالم . ونجحت الديمقراطية في ان تكتسح كل القارات . وتعبر تونس من ضمن الدول التي التحقت مؤخرا بكوكبة الدول الديمقراطية بحسب م تقارير عالمية عديدة.

ولقد استقر الامر اليوم على ان الديمقراطية شكل الحكم او النظام السياسي الذي يعطي لكل المحكومين القدرة على تغيير حكامهم سلميًا عن طريق القوانين والنظم الموضوعة، وحرية قيامهم بأدوارهم والتمتع بحقوقهم المدنية وفق الضمانات الشرعية. غير ان الديمقراطية ما فتئت تواجه صعوبات كثيرة في تطبيقها بعد ان انكشفت عيوبها الكثيرة وهو ما أدى بالمفكرين والمشرعين الى محاولة تجاوز تلك العيوب. فماهي أسس الديمقراطية وكيف يمكن تجاوز عيوبها ؟

I- أسس الديمقراطية 


أ‌- على الصعيد الاجرائي

 

- انتخابات حرة نزيهة وشفافة :تستند الديموقراطية على إعطاء حرية القرار والاختيار الكامل للشعب، عن طريق الانتخابات العادلة والمساواة في المشاركة لكل أطياف المجتمع، وعدم انتقاص دور أي من أفراد المجتمع، وأنه يحق للجميع التصويت والمشاركة فلا يمنع مثلًا النساء من حق التصويت كما كان ببعض البلدان، وان تقوم عملية الانتخابات بعدالة وسرية وحرية.

- سلطة القانون وقضاء عادل ومستقل :تقوم الديموقراطية على معايير قانونية محددة تتسم بالعدالة والمساواة بين الجميع، كما ترفض أن تكون القوانين تعسفية وظالمة أو تأتي لصالح فئة دون أخرى، أو أن تنتهك حقوق الفرد وتجعل للدولة حقًا في اجراء ما تشاء من سلوكيات تتعارض مع حريته، فالقانون القائم في دولة ديمقراطية يحد من قدرة السلطات التعسفية، ويتسم بالاستقلال عن الجهة الحاكمة ويتصف بالعدالة.

- التعددية الحزبية :تعتبر الأحزاب هي الراعي الأساسي لحرية الفكر السياسي، عن طريق تعدد أفكار كل منها واتباع كل منها لفكر سياسي معين، وكلما تعددت الأحزاب السياسية وتشارك أعضائها التفكير وحرية الرأي بمرونة وبما لا يسئ أو يؤذي المجتمع، كلما كانت نسبة تحقق الديموقراطية أعلى وأفضل.

- الفصل بين السلطات (أي تتوزع سلطة الدولة بين ثلاث سلطات وهي (السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية)، وعلى كل منهم الاستقلال عن الآخر بل وتحمل المسؤولية أمام الآخر وأمام الشعب، وإن التوازن بين السلطات الثلاثة يمنع الدولة من إساءة استخدام سلطاتها).

- الى جانب ضمان صحافة مستقلة وسلطة قضائية قادرة  على حماية الديمقراطية وحقوق المواطنين


ب‌- على الصعيد القيمي 

- تحقيق مبادئ الحرية والعدالة والمساواة 

- احترام حقوق الانسان (المعتقد – الضمير- التفكر – النشر – التعليم – الابداع...)

حماية حقوق الانسان : تحقق الديمقراطية احترام حقوق الانسان وتعمل على حمايتها، وتحفظ حريتهم وتدعم حقوقهم في المشاركة المدنية وحرية الاشتراك بالأحزاب، وحرية الفكر والدين والتعبير، وتهيئة المناخ الديمقراطي المناسب للأفراد.

المساواة: وتعتبر المساواة من أهم مبادئ الديمقراطية، فلا معنى للديمقراطية إن لم يكن هناك مساواة بين الجميع، سواء بين الأعراق المختلفة، أو بين الرجل والمرأة والصغير والكبير، ويجب أن يتمتع الجميع بالمساواة في الفرص وأمام القانون طبقًا لمبادىء الديمقراطية.

حماية حقوق الأقليات : ان الديمقراطية تقوم دائمًا على رأي الأكثرية من الشعب، وفي نفس الوقت فإنها تقوم بالحفاظ على حقوق الأقليات.

المشاركة السياسية: لا تقوم  الديمقراطية إلا على أساس تشريك الجميع في النظام وقيامهم بالالتزامات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.


 -II- تجاوز عيوب الديمقراطية 


ا- الديمقراطية التشاركية لتجاوز نقائص الديمقراطية النيابية 

تتوقف الديمقراطية عادة على انتخاب الشعب نوابه في دورة انتخابية ليتوقف دوره السياسي بعد ذلك. وهذا ما يسمى بالديمقراطية النيابية او الديمقراطية التمثيلية . أي ان الشعب لا يصوت على قرارات الحكومة بل ينتخب نوابا يقررون عوضا عنه . وهو الامر الذي كشف عن عيوب الديمقراطية من جهتين : استبعاد الشعب صاحب السيادة من المشاركة السياسية طوال الدورة البرلمانية . وترك المجال فسيحا للنواب ان يتصرفوا طوال العهدة الانتخابية بما يخالف الوعود التي على أساسها اكتسب ثقة الناخبين .(سياحة حزبية- تغيب عن البرلمان- تورط في الفساد...) وكل ذلك دون مراقبة او محاسبة.

لذلك اعتبرت الديمقراطية التشاركية هي الحل لتجاوز هذا العبي في الديمقراطية النيابية . وتقوم الديمقراطية التشاركية على تشريك أكبر عدد ممكن من فعاليات المجتمع المدني والخبراء والشخصيات الوطنية والباحثين والجمعيات في اتخاذ القرارات المناسبة والعثور على الحلول الملائمة للمشاكل المطروحة دون انتظار انهاء العهدة او الدورة البرلمانية .

وقد ذهب هابرماس أحد كبار الفلاسفة الالمان المعاصرين الى اقتراح نظرية الديمقراطية التداولية بوصفها محاولة لتعزيز الديمقراطية النيابية . من خلال خلق فضاء عام يتم فيه مناقشة المسائل المتعلقة بالشأن العام بطريقة موازية للمناقشات التي تحصل داخل البرلمان ويكون الهدف منها التأثير على قرارات وخيارات البرلمان.


ب- الديمقراطية الاجتماعية بديلا عن الديمقراطية الليبرالية 

اقترنت الديمقراطية التقليدية  على الصعيد الاقتصادي بما يسمى بالديمقراطية الليبرالية التي تقوم أساسا على حرية السوق وعدم تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي على أساس قاعدة دعه يعمل دعه يمر .  وبهذا المعنى كان من اثار هذه الديمقراطية التضحية بمصالح الفئات الضعيفة لفائدة الطبقات البرجوازية والتضحية بالبعد الاجتماعي لفائدة الربح وحده. ان الدعوة الى اعتماد الديمقراطية الاجتماعية هي دعوة لتدخل الدولة في الشأن الاقتصادي بما يحقق نوع من التوازن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية بين بمختلف الفئات والطبقات الشعبية


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة